Wednesday 29 August 2012

إيـديـمـا .

فلماذا لا نعودُ للتدوين مرةً أخرى ؟؟

تقولُ يا صاحبي أنّي أحمق. لا أحد يقلعُ عن الكتابةِ ثمَّ يعودُ بهذه السهولة , ثم لماذا قضيْتَ أكثرَ من عامٍ كاملٍ لم تكتُبْ حَرفا ؟؟

تقولُ أنّي مستهتر . طيلة الفترة الأخيرة مرّت على ذهني مئاتُ الأفكار في سباقْ .. تصلحُ كأفكارٍ لقصصٍ قصيرة , لمقالات , لملاحظات أتجاهلها ثم أجِدُها منتشرةً بعدها بيوميْن مع شهقاتِ الاعجاب بصاحِبها .. تصلحُ حتّى كبداية لأغنية .. لكنّي - في برود - تعلّمتُ التجاهل .

تقولُ أن أصابعي بالتأكيد قد فارقتها الحيوية .. وأنها تحتاجُ إلى " تليين " .
تقولُ أنّي تخطّيْتُ " لحظة الذروة " أساساً . تلك اللحظة التي تحوّل فيها الجميعُ إلى طبّاعات حيّة, يوشكُ كلٌّ منهم فيها أن يحلمَ في صورةِ ورقٍ مطبوع لا صور.
 هناك ثورةٌ كاملة لم تكتبْ عتها حرفاً .. هناك تبعاتٌ لها لم تلتفتْ لها أيضاً .. هناك بدايةُ علاقةٍ جديدة بـ ( أولتراس يفيلز )  أهملتَها .. هناك أكثرُ من مشهدٍ رأيته ثم هززتَ كتفيك وابتعدت .. هناك حالاتٌ نفسيّة وصلتَ فيها للقمة - بين سعادةٍ واكتئاب - ولم تكلّفْ نفسكَ عناءَ أن تنقلَها على الورق .. تجربةُ تطهيرٍ شاملة مررتُ بها - ولا زلت - تسمّى " الباطنة ", رفضتُ تماماً أن تسجّلها ..
 هناك علاقاتٌ تذهبُ وتجئ , أشخاصٌ تدينُ لهم باعتذارٍ شامل ,آخرون تنتظرُ منهم مثل هذا .. هناك لفظاتُ سُباب , أعقابُ سجائر , محاولاتُ فَهم , كلماتٌ غضبى , لحظاتُ جنون , ضحكاتٌ خافتة , أصواتُ زَعيق , أوراقٌ ما زالت , ونغماتُ عُود .

تقولُ أنّي مخطئ . أبسطُ مثالٍ على ذلك أنّي لم أدرسْ حرفاً اليوم .. ثلاثُ صفحاتٍ من أصلِ خمسٍ وعشرين هى كميّةُ تحصيلي .. فاشلٌ أنا في كيفية الحفاظِ على مُستقبلي , فكيف لا زلت أجدُ في نفسي الصفاقةَ الكافية للعودة إلى الكتابة ؟؟

تقولُ أنّي حتى لو أردتْ , فيجبْ ألاّ أفعلَ ذلِك هُنا .. في المدوّنة .
تُذكّرني بأن أحداً لم يطأ هذا المكان منذُ عامٍ ونيْف, اللهم إلاّ فيما ندر .. وأنّي كنت أملكُ شعبيّة ما فصارت تاريخاً , أمّا الآن - لو أردت البدء من جديد - فيجب أن يكون هذا في مكانٍ جديد أيضاً ..

تقول أنّي حتى من الممكن أن أكتبَ عن حالة الملل التي أمرُّ بها الآن , أو عن عقب السيجارة التي ما زال الدخانُ يتصاعدُ من رأسِها المحتضر في مطفأةِ التبغِ بجواري , أو حتى عن حالة " الإيديما الرئوية الحادة " التي كتبتُ بجوارِ عنوانها في الكتاب " هام جداً شفوي ونظري " . .. لكن ما جدوى هذا ؟؟ تقولُ أن الكتابة فُقِدَت منّي في الطريق , كما فُقِدَ الرسمُ, فالتلوينُ , فالتصوير .

تقولُ أنّي في صغري كنتُ رسّاماً بارعاُ. كم من مرّة ذهبتْ رسوماتي الطفلةُ لهذه المسابقة أو تلك على مستوى الادارة, باسم المدرسة ؟؟ كم مرة تردّدَ صدى صوتِ حروفِ اسمي في جنباتِ فناءِ المدرسةِ الصغير ,معلناً عن تكريمي للفوز في المسابقة ؟؟
كم مَرة أمسكتْ أبلة " فاتن " قلمك أو ألوانك لتضيفَ خطّاً هنا أو تزيدَ من تظليل شدّة لون ما في جانبِ اللوحة ؟؟ بل كم مرّة قابلت أبلة " فاتن " ذاتَها في الطريق بخِمارها المعهود وقد بانت ملامحُ الزمن - تقولْ - على وجهها, فلم تجرؤ على أن ترفعَ عينيك في عينيها ؟؟

تقولُ أنّي أوليتُ اهتماماً شديداً ذاتَ مرحلة , للتصوير . تقولُ أنّ هاتفي المحمولَ السابق ذا الكاميرا , كان يعُجُّ بصورٍ جيّدة حقاً . تقولُ أنّي - لابد - كنت أحملُ بذرةَ مصوّرٍ ما بين تلافيف عقلي , أو - على الأقل - مصوّر هاوٍ. تقولُ أنّي استيقظتُ من النومِ يوماً وقد نسيتُ كلَّ شئ عن الصورِ والتصوير . فلم تكونُ الكتابةُ اختلافاً ؟؟

. . .

أنتَ على حقّ يا صاحبي .. أنت تنسى أنني من صدّرَ لك هذا الاحساسِ في البداية , ثم تأتي أنت لتصيحَ به الآن في انفعال, كأنك تقولُ جديداً ..لكن لا بأسْ .
فقط أحاولُ الاّ أغفو .. ألاّ أزدادُ تشبُّـثاً بذاك العالم .
ألاّ أرمي عقب السيجارة فينطفئ ..

أحاولُ - فقط - أن أتعقّبَ أفكاري حتى مصارعِها.

2 comments:

دعـاء عـلى said...

صفاقة الكتابة فى أكثر الأوقات التى لا تصلح لذلك هى بالضبط ما تحتاج إليه أنت ! :D
الكتابة تطهر .. راحة .. كأن كل تلك الأفكار و التفاصيل التى تزحم رأسك و تمنعك من التركيز فى أى شئ قد وجدت لها مسكناً يأويها ..
تهدأ رأسك و لو قليلاً .. و فى حالتى أنا تهدأ كثيراً ^^

كما أنه شعور رائع انها الآن فى مأمن ، تعود إليها وقتما شئت :)

هذة حالة كنت أتمنى الكتابة عنها و لم أستطع .. الكتابة عن عدم قدرتك عن الكتابة !
أحسست بكل التفاصيل .. بإستثناء السجائر و الباطنة بالطبع ! :D

أيضاً من رأيى أن الشعبية لا تهم .. أنتَ تكتب لنفسك أولاً و أخيراً .. تخطو خطوة خارج نفسك و تتابع تطورها من بعيد ..
إن أردت صدى لكتاباتك يمكنك وضعها على الفيس بوك مثلاُ ..
لكن بالنسبة لى المدونة أكثر خصوصية بكثير من أى مكان آخر :)

حسناً .. هذة عودة موفقة و أنا فعلاً أحب هذة التدوينة ! :)

عمرو said...

بالتأكيد المدوّنة أكثر خصوصية , وأنا لم أكتب يوماً سواء هنا أو في أى مكانٍ آخر - كى يقرأني الناس .. فقط يندم المرء على ما ضاع :)
بعض رثاء النفس لن يضرّ أحداً ! :D

فرحان إنها عجبتك .. :)