Sunday 22 February 2015

ثَـوْبٌ أسودْ واسِـع .



 ثم تقع في الحب .. أنت لا تقرّر ذلك .. هو فقط يحدث ..

*****************

قصص الحب الفاشلة أكثر من تلك التي تنجح عموماً ..
البداية تكون مختلفة دوماً .. يمكنك يا صديقي أن تقابلها في الجامعة, أو في مكان عملك, أو في الحافلة .. يمكن أن تكون من داخل العائلة .. بل يمكنك أن تراها لأول مرة – كما فعل بن عمي – في المظاهرة التي كانت تنادي بشئٍ ما, لا يذكره هو نفسه حاليًا..
وعلى العكس, فالنهاية – في الأغلب – تتخذُ الطريق نفسه .. طريقٌ محاطٌ بالمشاكل يبدأ في الظهور, ولا مانع من عوائق " ماما بتسأل مش هتيجي البيت بقى ؟ " و " ابن عمي اتقدّم لي امبارح وبابا موافق, اتصرّف " المعتادة ..

حسن , هذا ما اعتدنا أن يكون عليه الأمر , أليس كذلك ؟ أراك تومئ برأسك موافقاً .. راقب ابتسامتي الساخرة قبل أن تتحول لضحكة عالية إذن, وأشعل لي سيجارة .. ودعني أحكي ..

******************

تذكّر .. تذكّر ..
تذكّر المحادثة الأولى .. تذكّر الرهبة الأولى .. تذكّر الصورة الأولى التي رسمتها في مخيّلتي .. نعم ..تسأل كيف ؟ نسيتُ أن أقول أني رأيتها هنا لأول مرة, في هذه المدوّنة بالذات ..
اضحك إذن .. نعم .. " ماحدّش بيحب بنت عرفها عن طريق النت " .. قُلْها,كُن مبتذلًا كالعادة وقل  الجملة التي سمعتُها مرّات .. دعني فقط أذكّرك يا عِجْل بالجملة التي بدأتُ بها كلامي : أنت تقع في الحب بلا اختيارٍ منك ! .. الآن دعني أُكْمِل ..

*******************

تذكّر .. تذكّر ..

********************

تذكّر المكالمة التليفونية الأولى بينكما .. وتذكّر كلماتها بعد هذا بشهور أن " أنا عمري ما اتردّدت كدا وأنا بكلم حد ولو حتى لأول مرّة " .. تذكّر ابتسامتك وشعورك الجارف بالثقة, والفكرة التي وُلِدَت في رأسك من وقتها : نحن مختلفان .. يمكننا أن نصنع شيئًا ما سويًّا ..
اضرب نفسك على القفا إذن, واسترجع رسالتها الجافّة على الفيس بوك, بأن " خلاص .. مش هقدر أكمّل " ..
تذكّر مقاطع أغاني منير التي بتُّ تكتبها كالمجنون في كل مكان بعد أن قلت لها " أحبّك " لأول مرة ..
تفكّر في أن تكتب أى شئ على الفيس بوك فيكون أول ما يخطر ببالك " أنا محتاج أصلّي, وأشكر ربنا .. يا أجمل شئ حصل لي , من مليون سنة " ..
ترى النوافذ المفتوحة في راوند علم السموم, فتكتب في دفترك " لعينيك .. شبابيك .. الدنيا كلها شبابيك " ..
تسافر في عطلة قصيرة, تضحك من أعماق قلبك مع من معك, ثم تسكت وترسل لها رسالة نصيّة قصيرة " معاكِ, بضحك بصوت عالي " ..
تضحك للمرة الثانية إذن .. " انت قلبت سيس ليه كدا ؟ ".. أنت لم تجرّب شيئاً من هذا كلّه يا عِجْل وإلا ما أصبحت عِجلاً .. فقط اسمع ..
حتى نغمة الرنين التي خصّصتها لها على هاتفك كانت " وساعات في كلام بيجيب في كلام ", أنت تذكرها ..  " منير " أيضاً, في ذلك الإعلان .. أذكر انبهاري الأول بالإعلان كلّه وبالأغنية بالذات والذي انتقل بالتبعيّة لها .. تقرّر من وقتها أن كل مرّة تهاتفك لابد أن تسمع " يا حبيبتي بتسألي دايماً : كام شخصية بشوفها أنا فيك ؟ .. أنا أكتر من شخصيّة وكل ما فيّا بيحلم بيكِ" ..
تذكّر " ريما خشيّش " وهى تشدو أن " كل الإشيا وأنا عم نقع في حبّك " .. تذكّر كم أحبّتْ الأغنية وكيف كتبتْ تدوينة كاملة عن هذا المقطع فقط ..

الآن لا تقوى إلا على سماع " بسأل عليكي السما .. ببعت سلامي مع الهوا" حتى أدمنتها .. وكلّما سمعت منير لعنته ولعنت سلسفيل أجداده .

******************

تذكّر .. تذكّر ..

******************

26 يناير 2011 .. كانت الجمهورية مشتعلة فعلاً عندما قررت هى أن تتصل بي لتقول " أحبّك " لأول مرة .
لم تقلْها طوال شهرٍ كامل, لأنها – كما قالت – " مش عايزة أتسرّع .. وبعدين أنا مكسوفة منك أصلًا ! ", ابتسمتُ وقتها واحترمتُ القرار ..
جائت الثورة لتغيّر أشياءً عدّة.. أهمها أنها اعترفتْ أخيرًا .. كنتُ في طريقي للجامعة ظاهريًّا, ولمكان المظاهرة فعليًّا , ترجّلتُ من الميكروباص ليرنّ الهاتف .
-        = انت فين ؟
-         = رايح الكليّة
-         = ولا المظاهرة ؟
-         = لسه هشوف .. على حسب .
-         = طيب خلّي بالك من نفسك
-         = ان شاء الله خير .. ماتخافيش
-         = طيب أنا عايزة أقلك حاجة
-         = إيه ؟
-         = أنا بحبّك !
-         = ( .......... ) .. يعني مش بتقوليها غير وأنا رايح مظاهرة الله أعلم هرجع منها ولا لأ !
-         = بطّل هزارك الرخم دا ماتقلقنيش .. طمنّي عليك على طول
-         = ان شاء الله حاضر
-         = لا إله إلا الله
-         = محمدٌ رسولُ الله .

الآن تتمنّى لو أنّك لم ترجع قط !

*******************

تذكّر.. تذكّر ..

*******************

تذكّر أول لقاء .. تذكّر انتظارك لها الذي طال, ثم التفاتك بالصدفة, كى تقع عليها عيناك لأول مرّة ..
تذكّر وقفتها المضمومة كأنها طفلة في ملعب مدرسة ابتدائية .. تذكّر ثوبها الأسود الواسع .. تذكّر ضحكة عينيها لأنها رأتك وتعرّفتك أولًا ..
تذكّر جلستكما على ذلك المقعد الحجريّ والظلال تغمركما .. تذكّر أنكما قد جلستما على نفس المقعد في كل مرّة تقابلتما فيها تقريبًا ..
تذكّر هديّتك الأولى لها وكم أحبّتها, مع تأكيداتك لها في الهاتف من قبلها " أنا فاشل في موضوع إني أجيب هدايا للبنات عموماً, مابعرفش المفروض أجيب إيه " .. تذكّر ردّها بأن " أى حاجة منك حلوة " ..
تذكّر كمّ الصور والفيديوهات التي التُقِطَت في لقاءاتكما .. كنت أضع اللابتوب الخاص بها فوق ركبتيّ, نفتح الكاميرا الموجودة بمقدّمته.. ونبدأ في التقاط عدد لا نهائي من الصور ..
التوثيق البصرىّ مهم جدًا في أى علاقة عمومًا, في حالتنا كان أكثر أهميّة لأن – ببساطة – لقاءاتنا كانت نادرة فعلًا .. نادرة ندرة وجود أشخاص مثلها ..
المشكلة التى تواجهني الآن أنها احتكرت كل ذلك .. لا يوجد عندي منه شئ .. وكأن تلك اللقاءات لم تكن .

******************
تذكّر .. تذكّر ..

*******************

تذكّر الفكرة التي نبتت في ذهنها من لا شئ .. " احنا هنعمل مدوّنة لينا احنا الاتنين بس .. مدوّنة نكتب فيها لبعض .. مدوّنة محدش تاني غيرنا هيعرفها ولا يدخلها وهتكون مصدر سعادتنا لبعض " ..
تذكّر أنها هى التي نفّذت كل شئ .. هى التي اختارت شكل المدوّنة وهى التي صممّت شكل ( الهيدر ) الخاص بها ..
هى التي اختارت شكل الخط الذي تكتبان به .. ولونه ..
هى التي اختارت موضع التاريخ والوقت .. وموضع الكلمات ..
هى التي كتبت بها أولاً ..
اسم المدوّنة ؟ اختارته هى من اسم أغنية كنتَ قد أسمعتها لها منذ فترةٍ قصيرة ..

أنت لا تملك الآن أن تدخلها كى تسترجع ذكرياتك معها .. تسأل لماذا ؟ .. في الواقع سببان  يدفعانك لهذا .. أولهما – وأهمهما – أنك لم تنسْ شيئاً أصلاً كى تحاول استرجاعه.. لم تنسْ حرفاً قيل أو صورة التُقِطَت أو تلويحة يد .. لم تنسْ نظرة اختُلِسَت أو كلمة أُرسِلَت ..
ثانيهما هو أن الصدمة التي واجهتك عندما فتحتَ مدوّنتها الشخصية منذ بضعة أيام كانت تكفي وزيادة .. كما تعلم, ذهنك يحتاج لصدمة ما من حينٍ لآخر ..
فقط انتظر ..

******************
تذكّر.. تذكّر ..

*****************

تذكّر سخرية القدر التي تجسّدت ليلة رأس السنة الجديدة .. تذكّر رسالتها النصيّة التي أنارت هاتفك : كل سنة واحنا مع بعض .. مع قلب صغير يتراقص في نهاية الرسالة .
ما لم تقله من قبل أن تلك الرسالة أشعرتك بالأمان .. هناك شيءٌ ما في حياتك يمكنك أن تعتمد عليه وأنت مطمئن .. وجودها في حياتك حقيقة من حقائق الحياة .. كأنها الدم الذي يدور في أوردتك الآن. لا توجد حياة من غير دماء تدور أصلاً ..
حسن .. أنت تعلم الآن أن رسالتها التي أخبرَتْـكَ فيها – باختصار – أن دورك قد انتهى كانت بعد ليلة رأس السنة بأيامٍ عشرة تقريبًا !!
دار رأسك وأنت تحاول فهم منطق الكون في تلك اللحظة, لدرجة أنك عندما قرأت رسالتها الجافة إياها لأول مرة تحققّت من اسم المرسِل مرّتين قبل أن تحوّل نظرك عنها ..

****************

تذكّر .. تذكّر ..
*****************

تذكّر الأسابيع الخمسة الماضية .. خمسة ؟؟ نعم, تقريباً ..
خمسة أسابيع مرّوا منذُ أن قررّتْ أن تنهى الموضوع برمّته ..
تذكّر حالة الصدمة التي مررتَ بها , ومحاولة استيعاب الموضوع من الأصل ..
تذكّر طعم المرارة الذي بقى في حلقك من وقتها حتى اليوم, والذي سيستمر معك على الأرجح مدّة ليست بالقصيرة ..
تذكّر قرارك ألاّ تبقى وحيداً أبداً .. كنت تقضي اليوم كلّه مع أهلك, لا تجلس في غرفتك إلا لمامًا .. في الليل تخرج كالعادة ولا تعود إلا عند منتصفه أو بعد ذلك .. لمَ ؟ لأن جلوسك وحيداً هو الطريق الملكيّ للجنون .. كنتَ ستبدأ في ضرب رأسك بالحائط حتى ينفجر أولّهما ..
تذكّر أن اليوم بالذات هو عيد ميلادها ..
وتذكّر أن اليوم – كذلك – هو اليوم الذي رأيتها فيه تحتفل بخطبتها ..

****************

أنت لا تستطيع أن تكرهها .. بالعكس, حتى الآن تتمنّى لها كل الخير ..
لا يهم أنك تستطيع تحسسّ ذلك الشيء المكسور بداخلك .. يمكنك أن تشعر به يقطع وتراً جديداً كلّما تحرّكتَ من مكانك ..
أنت حتّى غير قادر على كره ذلك الذي حلّ مكانك, هو لا يدري أساسًا كم هو محظوظ ..
أنت فقط تتمنّى أن تنساها ..

*****************

" وبرضو بشتاق لِـك زيادة ..
ليه عملتي القلب راهب ..
وانتِ مش قد العبادة ؟! "
أشرف توفيق – مرسال لحبيبتي



_________________________________________________________________

هذا النصّ كُتبَ بتاريخ 17 فبراير 2014 .. لكن لم أتمكّن من نشره في تاريخه لأسبابٍ عدّة .