Thursday 31 January 2013

كريم حلاقة برائحة النعناع

دعني أصارحك أني أمقت طقوس حلاقة اللحية ..
منذ مدّة صارت لي لحية لا بأس بها, تعطيني منظراً أشبه بالمتسولّين, خاصةً وأنا ممّن حتى لا يهتمّون بتشذيبها أو ما شابه ..
سأمت فكرة الحلاقة عموماً ..
في بداية مرحلة المراهقة, كانت شعيرات قد نبتت لي أسفل ذقني, سبقها نمو ملحوظ لشارب رمادى اللون كان يشعرني كثيراً أن منطقة ما حول فمي ( ملزّقة) .. كنت أنتظر بلهفة أن تنمو شعيرات ذقني كى تتاح لي الفرصة لحلاقتها فأبدو كالكبار .. كانت فكرة أن أستخدم ماكينة الحلاقة في حد ذاتها مغرية بشدة, وأصابني فخرٌ شديد وأنا أرى ماكينة حلاقتي الخاصة تستقر فوق رف مرآة الحمام جوار تلك الخاصة بأبي في كوب بلاستيكى ..
الفكرة التي تسيطر على المراهقين عموماً في تلك المرحلة هى أنهم قد أصبحوا رجالاً .. لا يجد الواحد منهم فرقاً بينه وبين أبيه ..
تظهر للوجود مشية البلطجية للفت النظر,تصاحبها سبّة ما بين كل جملة وأخرى لتوحي باللامبالاة .. أنا رجل الآن فيمكنني أن أفعل ما أريد ولا يلومني أحد ..
بل إنني الآن أحلق ذقني !!

استمرت تلك المرحلة طويلاً .. كنت أنتظر شهراً أو أكثر حتى ينمو شعر ذقني لأحلقه وأبدأ في تحسسّ ذقني التي تصليني ناراً بعدها في كل مكان, كأني أعلن للجميع أن لي ذقنٌ وقد حلقتها ..
في نهاية المرحلة الثانوية صارت طقساً مألوفاً .. مثلها مثل أى نشاط أقوم به ..
لكن شيئاً فشيئاً, بدأتُ أكره الفكرة ..
في المرحلة الجامعية باتت فكرة أن أحلق ذقني كل بضعة أيام عذاباً مقيماً .. لابد أن تستخدم كريم حلاقة برائحة النعناع, لتبدأ بعدها رحلة نصل الماكينة في ازالة الشعر عن جلد وجهك, ولا يخلو الموضوع من جرحٍ هنا أو هناك لابد من تطهيره بالكحول ..
يبدو أن هناك قانوناً ما يحتّم أن يتم تطهير الجروح الناجمة عن الحلاقة بالذات بالكحول - الكولونيا يعني - لا بالميركوكروم مثلاً أو البيتادين كباقي الجروح .. ومسح الجرح بالقطنة المبللّة بالكولونيا لا يقلُّ ألماً عن استئصاله جراحياً ..

كرهت الموضوع كلّه.. وكرهت أكثر الصورة المتوارثة عن الوجه الحليق أنه الوجه المعبّر عن الأناقة وكون الشخص " ابن ناس " ..
لا يجب أن أمر بمرحلة التعذيب النازى هذه كل صباح حتى أبدو مشرقاً ..
قررت في لحظةٍ ما منذ سنواتٍ ثلاثة أن أحلق شعر رأسي " زيرو" وأن أترك للحلاّق مهمة تهذيب اللحية !
صرت أزوره مرة كل شهر أو أكثر .. فيزيل شعر رأسي, ثم يبدأ في تهذيب شعر اللحية بما يسمح ..

الهدف من التدوينة : لا أعلم بصراحة .. لكنّي كنت في حاجة للكتابة عن الموضوع منذ فترة .. البعض صار يستدلّ بلحيتي على تديّني الذي هو بالضرورة - لابد - تابعاً لتديّن أبي المعروف في بلدتنا .. خاصةً وقد اقترنت برأسي الحليقة اللامعة ..
منذ سنتين تقريباً كنت في فرح لقريبٍ في القاهرة, فرح راقٍ من تلك الأفراح التي تقام في حدائق الفيلاّت .. كنت أرتدي بذلة جديدة برباط عنق أنيق, بينما لم يسعفني الوقت لتهذيب الشعر المتراكم تحت ذقني, فبدا مظهري كمتسوّل ألبسوه جديداً ..حتّى أن قريبة لي أبدت ملحوظة مهذّبة عن أني لابد قد التزمت مادامت ذقني بهذا الشكل .. شعرتُ بسماجة السؤال, فابتسمت ببرود وقلت : لافي الواقع أنا مالتزمتش .. أنا بس نسيت أحلقها مش أكثر !
البعض صار يستدلُّ بها على اهمالي .. هذا الفريق يأتي على راسه أمي بالطبع ..

التدوينة عموماً غير جيّدة, ولم يسبقها كالعادة تلك الرغبة الملحّة في الكتابة, أو الاسترسال في المتابة نفسها دون توقّف..وهى علامات أعرف معها مدى جودة الناتج .. لكنّي أيضاً لم أتوانْ عن ضغط زر " نشر " فور الانتهاء, لأني - باختصار شديد - ..........
في حاجة للكتابة !